كان الزعيم قد عـزم على زيـارة مفاجئة لـمنفذية دمشق العامة للاطلاع على أعمالها ومدى نشاطها وسهرها على مصلحة الـحزب في منطقتها. ولكن حدث ما استوجب تأجيل الزيارة التي كانت تقررت لليوم الرابع من مارس/ آذار.
بعد ذلك قَدِمَ بيروت منفّذ دمشق العام وقابل الزعيم ووقف منه على عزمه على زيارة منفذية دمشق زيارة خصوصية وأطلعه الزعيم على أنه سيقوم قريباً بالزيارة التي تأجلت. ثم إنّ الزعيم عدل عن السفر يوم الجمعة الواقع في ثاني عشر مارس/ آذار وكلّف حضرة عميد الداخلية أن يسبقه إلى هناك تـمهيداً للنظر في ما يريد الزعيم النظر فيه. وفي صباح اليوم الـمعيّن سافر الزعيم باكراً نحو الساعة السابعة، فبلغ دمشق نحو الساعة التاسعة والنصف فعلم أنه، بناءً على رغبة متبادلة بيـن الـمنفذية وحضرة وزير الدفاع في الدولة الشامية السيد أحمد الشراباتي، ضُرِب موعد لاستقبال حضرة الوزير في دار السيد نسيب سكر، والد الرفيق رياض سكر، حيث حل الزعيم ضيفاً.
في الـموعد الـمعيّن، الساعة الـحادية عشرة، أقبل حضرة الوزير فاستقبله الزعيم بتـرحـاب ثم إنّ الزعيم والوزيـر اختليا لـمحادثة استغرقت نحو سـاعة جرى فيها استعراض للقضية القومية والعلاقات فيما بين الأمـم العربية وللمسألة السورية والـمسألة «العربية» أو العروبية وللعلاقات بين الـحزب والـحكومة الشامية.
جلت الـمحادثة الكثير من الـمسائل التي كانت مشوشة بالأخبار الـملفقة أو الناقصة أو الـمتحاملة. ومن الـمسائل التي وافق الزعيم والوزير على جلائها أنه ليست للحزب السوري القومي الاجتماعي أية مصلحة عدائية لشخصية فخامة رئيس الـجمهورية الشامية [شكري القوتلي] ولا أي قصد لتعكير مجرى الأمور وأعمال الـحكومة وأنّ الـحزب أظهر تعاوناً وتضامناً في جميع الـمواقف التي رأى فيها ما يساعد على توطيد الأمن، وأنه ليست للحكومة الشامية أية مصلحة عدائية أو مقاومة لقضية الـحزب وعمله وأنه بعد جلاء الـمسائل التي كانت موضع شك وقلق من الـجهتين الـحزبية والـحكومية، الذي تـمّ في الـمقابلة، يـمكن الوصول إلى الترخيص للحزب بالعمل في الـجمهورية الشامية.
وقد كانت الـمقابلة موفقة للجهتيـن. وأظهر الزعيم تقديره للخطوة الطيبة التي قام بها حضرة الوزير، ودلّت على رجاحة رأي وحسن بادرة. ويجدر بالذكر الوصول إلى التفاهم الشخصي في صدد القضية القومية والعمل في العالم العربي وكان شرح الزعيم لوضع سورية ووضع العالم العربي والـمرامي العملية مساعداً كبيراً للوصول إلى التفاهم الـمذكور.
ولـما كان الزعيم قد نفى للوزير وقوف الـحزب السوري القومي الاجتماعي في جانب أية شخصية شامية أخرى ضد شخصية رئيس الـجمهورية الـحاضر، وأكد له أنّ قضية الـحزب هي قضية غاية عظمى لا تدخل في نزاع الأشخاص وأنّ الـحزب لا يرى، لذلك، أية مصلحة في محاربة الرئيس الـحاضر شخصياً أو في تفضيل أحد من رجال الوضع الـحاضر عليه، خصوصاً وأنّ للزعيم معرفة شخصية وصلة طيبة سابقة بشخص فخامة الرئيس، فقد أثبت الزعيم هذا الـموقف في تصريح سريع لبعض الصحافيين الذين قابلوه وهذا نصه. نقلاً عن جريدة القبس.
قَدِم دمشق الأستاذ أنطون سعاده رئيس الـحزب السوري القومي الاجتماعي وقد اتصل به مندوب القبس وسأله بضعة أسئلة أجاب عليها بصراحة.
فقد سأله عن الغاية من زيارته لدمشق فقال إنه قَدِمها لتفقد شؤون فروع حزبه في الداخل.
ثم سأله عن رأيه في إعادة انتخاب فخامة رئيس الـجمهورية فقال:
إنني لا أرى أي مانع من إعادة انتخاب فخامة الرئيس القوتلي دستورياً فإني أعرفه شخصياً وأعرف أهليته، وأقدّر أعماله. إنّ الـحزب السوري القومي الاجتماعي لا يتدخل في مسألة تفضيل شخصي لأجل الأشخاص، إنّ التفضيل عندنا هو على أساس تسهيل حرية العمل للحزب السوري القومي الاجتماعي الذي هو نهضة قومية اجتماعيـة للأمة لتحقيق الوعي القومي والإصلاح الاجتماعي، نحن حزب قضية لا حزب أشخاص.
ثم سأله عن رأيه في الانفصال النقدي والاقتصادي بين سورية ولبنان، فأجاب: إننا لا نرى أية مصلحة في الفصل الـمادي والاقتصادي بين لبنان والشام، إنّ ما يبدو مصلحة للبعض من الطرفين ليس سوى عارض وقتي يترك خيبة ورد فعل سيّئ في الـمستقبل.
وقد دعا الوجيه السيد نسيب آغا سكر الأستاذ سعاده إلى مأدبة غداء حضرها بعض الشخصيات الرسمية وتخللها بحث شؤون الساعة.